نال الباحث محمد أحمد أحمد العلي، درجة الدكتوراه، في قسم الآثار والسياحة، تخصص آثار قديمة – عصور ما قبل التاريخ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة صنعاء،
نال الباحث محمد أحمد أحمد العلي، درجة الدكتوراه، في قسم الآثار والسياحة، تخصص (آثار قديمة – عصور ما قبل التاريخ)، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة صنعاء، عن أطروحته الموسومة بـ”الاستيطان البشري في المنطقة الشمالية الشرقية لحوض صنعاء في عصور ما قبل التاريخ -دراسة أثرية”، اليوم الاثنين بتاريخ ٢/٥/١٤٤٦ه، الموافق ٤/١١/٢٠٢٤م.
وتكونت لجنة المناقشة والحكم من: الأستاذ الدكتور عبدالحكيم شايف محمد مشرفًا رئيسًا وعضو اللجنة، والأستاذ الدكتور محمد سعد القحطاني، مناقشًا داخليًا وعضو اللجنة، والأستاذ الدكتور منير عبدالجليل العريقي، مناقشًا خارجيًا ورئيسًا للجنة.
هدفت الأطروحة إلى حصر وتوثيق المواقع الأثرية وتحديد طبيعة الاستيطان فيها وبيئتها الطبيعية، وتصنيف اللقى الأثرية وتحديد تاريخها النسبي.
فيما توصلت الأطروحة إلى عدد من النتائج، منها: اكتشاف العديد من المواقع الأثرية، المنتشرة على سفوح المرتفعات ومنحدرات الهضاب المطلة على الأودية والأراضي الزراعية، صُنفت بحسب طبيعتها إلى مستوطنات سكنية، ومدافن، ورسوم ومخربشات صخرية، ومنشآت مائية، وحقول ومدرجات زراعية، تؤكد على أن المنطقة شهدت استمرار المناخ الرطب منذُ الألف السادس قبل الميلاد وحتى الألف الثالث قبل الميلاد، حين بدأ فيه المناخ يميل نحو الجفاف التدريجي.
وأظهرت الدراسة تباينًا في تخطيط المستوطنات، حيث تميزت منطقة نهم بظهور مستوطنات صغيرة الحجم تتفاوت مساحتها بين نصف هكتار إلى هكتار ونصف، تمثل قرى صغيرة الحجم تضم مسكنًا إلى ثلاثة مساكن وأكثر، شيدت منفردة ومتباعدة، يتكون معظمها من غرفة واحدة، والبعض الآخر من غرفتين ذات تخطيط شبه دائري أو بيضاوي الشكل، تشير إلى تجزئة المجتمع في مجموعات أسرية مستقلة تمثل قرى صغيرة، حيث كانت تسكنها أسرة صغيرة، بالإضافة إلى ظهور بعض المساكن المستطيلة المستقلة والمكونة من غرفة واحدة، والتي يمكن أن يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي، في حين تميزت مواقع منطقة أرحب بظهور كل من المستوطنات الصغيرة الحجم التي تبلغ مساحتها أقل من هكتار، ومستوطنات كبيرة الحجم تبلغ مساحتها أكثر من أربعة هكتارات، تشمل قرى زراعية كبيرة الحجم، أو بلدات أو مدنًا صغيرة، صارت وحداتها التخطيطية أكثر عددًا وتنظيمًا وتعقيدًا، تشير إلى حدوث زيادة في عدد أفراد الأسرة، بلغت مجتمعاتها مستوى عاليًا من التنظيم الاجتماعي، وهو ما دل عليه الجانب المعماري من خلال التحول في نمط البناء من المسكن البيضاوي أو الدائري إلى المسكن الهندسي المستطيل، يعدُ هذا التحول أو التطور أحد المؤشرات الواضحة على حدوث تغيرات اقتصادية واجتماعية، الذي جاء مع الاقتصاد الرعوي والزراعي، مع بقاء موروث نمط الصيد يمارس بشكل ثانوي، وذلك على نحو واسع إلى ما قبل العصر الحجري الحديث وحتى العصر البرونزي.
وبينت الدراسة حدوث تطور في الحياة المعيشية لمجتمعات المنطقة، حيث انتقلوا من مرحلة الجمع والصيد إلى الزراعة والرعي، ويستدل على هذا الجانب الاقتصادي، من خلال حدوث تطور تقني في صناعة الأدوات الحجرية، والفخارية، حيث شملت مجموعة من الأدوات الحجرية منها الرؤوس الحادة، والنصال، والمكاشط المتنوعة، والمخارز، والمثاقب، والشظايا، بالإضافة إلى الصناعات الفخارية الخشنة، والمتوسطة الخشونة، والمصقولة والناعمة، منها الطاسات والجرار، والقدور، التي صُنعت معظمها يدويًا، والقليل منها صُنعت بواسطة العجلة، أو “الدولاب الفخاري”، خصوصًا الناعمة منها، حيث أوضحت كل من عجينة الصلصال المستخدم في صناعة الفخار، وأدوات طحن وجرش الحبوب، أنها أنتجت محليًا بحكم المواد التي صنعت منها، وجميع تلك الأنشطة تمت بواسطة جماعات متخصصة (حرفيين).
وأثبتت الدراسة وجود تعدد في أنماط المدافن، منها الركامية والبرجية، والتي تشير إلى وجود تعدد في طرق وأساليب الدفن، وعلى إيمانهم بالبعث والخلود، وتعظيم أسلافهم.
وثقت الدراسة مجموعة كبيرة من الرسوم والمخربشات الصخرية، والتي تبين من خلالها وجود بعض المؤشرات عن المعتقد الديني، وذلك بناء على بعض مشاهد الصيد، والأشكال الحيوانية، منها الوعل، على عضادات بعض مداخل مساكن وادي المحشاش، وذكر بعض معبوادت المنطقة منها سمع وتألب ريام.
وأكدت الدراسة على أن النمط الثقافي السائد في المنطقة كأي نمط ثقافي ساد في باقي مناطق المرتفعات الغربية والوسطى والشرقية، وفي كافة أرجاء مناطق اليمن.
وقدم الباحث للدكتوراه في رسالته عددًا من التوصيات، من أهمها ضرورة إجراء مجسات اختبارية في عدد من المساكن، والمدافن، والتربة، لمعرفة الجوانب البيئية والثقافية والاجتماعية والدينية المرتبطة بها، وضرورة حماية المواقع الأثرية من عمليات التدمير والعبث، وحراستها، والتوعية بأهميتها الثقافية والحضارية.
حضر المناقشة عدد من الاكاديمين والباحثين والطلاب والمهتمين، وعدد من زملاء الباحث وأفراد أسرته.
فيديو جانب من جلسة المناقشة