الحرب الناعمة
بسم الله الرحمن الرحيم
حول الحرب الناعمة
أ.د. سعد إبراهيم العلوي
أستاذ الفكر الاسلامي
عميد كلية التربية صنعاء
منذ العام 1990م عندما قام الجنرال والاستراتيجي الامريكي جوزيف ناي بتأسيس نظرية الحرب الناعمة وبعد تحويلها الى حرب على أرض الواقع حدثت الكثير من التطورات على هذه النظرية على مستوى المجالات والاهداف والوسائل والاساليب .
ادرك اليهود والنصارى أن الهيمنة و احتلال المجتمعات الإسلامية ونهب ثرواتها لا يمر من خلال الحرب العسكرية ( الصلبة) فتلك الحروب نتائجها وتداعيتها قصيرة وبالامكان معالجة آثارها بزمن قياسي بالنظر الى ما تمتلكه تلك المجتمعات من ثروات وإمكانات تساعد على عملية إعادة البناء .
من هنا عملوا على تأسيس نظرية الحرب الناعمة و سخروا لها مختلف العلوم العصرية من إعلام وعلم نفس وإجتماع وأنثروبولوجيا وتاريخ وتكنولوجيا معلومات و حددوا مجالاتها من فضائيات ووسائل تواصل اجتماعي ومناهج تعليمية وثقافة وتراث . و استهدفوا من خلالها مختلف الفئات الاجتماعية و العمرية. ووضعوا قضية إختراق وتدمير الصورة الذهنية و منظومة الاخلاق والقيم والتقاليد والروح والأسرة المسلمة من مهام تلك الحرب الناعمة .
وفي العشرين السنة الماضية عمل خبراء الحرب الناعمة على الانتقال الى هدف جديد يتمثل في إختراق الوعي والعمل على إنتاج وعيا زائفا يستند الى ثقافة مغلوطة وعقائد باطلة وافكار منحرفة تستند اليه تلك المجتمعات في بناء رؤيتها وتحديد مواقفها ونسج علاقاتها مع المجتمعات والثقافات الاخرى ومن بينها الكيان الصهويني وتحت مسميات جديدة منها ( التطبيع الوسطية الاعتدال حوار الحضارات الانفتاح على الآخر ….) ورسم مسار اهتماماتها وإنشغالاتها في صورة دوريات كرة القدم والمهرجانات الفنية والكرنفالات مرورا بالمراقص والملاهي وهيئات الترفيه والاختلاط وصولا الى إطلاق الاسماء والعناوين الاجنبية على المحلات والحدائق والمولات وتحويل الاكلات الاجنبية في قائمة مائدة الطعام العربية مثل الهمبرجر والبيتزا والبروست والفاهيتا والزنجر وغيره الى جانب الملابس كجزء من الاختراق الثقافي للمجتمعات الاسلامية وتدمير الهوية.
ولقد وصف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله الحرب الناعمة بالحرب الشيطانية وشخص حالة اللامبالاة عند الكثير من الشعوب والمجتمعات العربية لما يجري من عدوان وحرب إبادة على غزة وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية كجزء من نتائج الحرب الناعمة والاختراق الذي تعرض له الوعي العربي والاسلامي.
إن معركتنا مع الحرب الناعمة بدرجة رئيسية هي معركة وعي وبصيرة وبناء وعي قراني وثقافة قرآنية تؤسس لوعي صحيح وثقافة صحيحة وبالامكان في ضوئها بناء مجتمعات تتحرك بحركة القرآن وبحركة الرسول صل الله عليه وآله وسلم وتحقق بذلك شروط الانتصار على المشروع الصهويني الصليبي في المنطقة ممثلا بأمريكا ( اسرائيل الكبرى) والكيان الصهويني ( اسرائيل الصغرى) وللحديث بقية .