جامعة صنعاء … من الحلم الوطني إلى الريادة الأكاديمية
منذ افتتاحها في 6 يونيو 1970 .
مثّلت جامعة صنعاء منذ تأسيسها في العام 1970م نقطة تحوّل مفصلية في تاريخ اليمن الحديث، ليس فقط بوصفها أول جامعة حكومية في البلاد، بل باعتبارها صرحًا أكاديميًا حمل على عاتقه مهمة النهوض بالتعليم العالي، وبناء الإنسان، ورفد الدولة بالكفاءات العلمية المؤهلة في مختلف التخصصات.
جاء إنشاء الجامعة استجابة لحلم وطني كبير، وسعيًا لتأسيس قاعدة علمية ترتقي بمستوى المعرفة، وتكسر عزلتها التي فرضتها ظروف ما قبل الثورة اليمنية، حيث كان التعليم العالي حكرًا على الابتعاث الخارجي ومحدودًا في نطاقه.
وفي يوم السبت، السادس من يونيو 1970م، شهدت العاصمة صنعاء حدثًا وطنيًا بالغ الأهمية إذ جرى افتتاح جامعة صنعاء، وبدأت مسيرتها بثلاث كليات هي كلية الشريعة والقانون، والتي خُصصت لتأهيل كوادر في مجالات القضاء والتشريع والإدارة، بما يتماشى مع احتياجات الدولة اليمنية الفتية آنذاك وكلية الاداب وكلية التربية وسرعان ما بدأ مسار التطور، لتشهد الجامعة توسعًا تدريجيًا تمثل في إنشاء كليات جديدة، مثل كلية التجارة والاقتصاد وكلية العلوم، حتى أصبحت اليوم تضم 20 كلية في كل المجالات و25 مركزًا علميًا وبحثيًا .
لم يقتصر دور الجامعة على محيط العاصمة، بل امتد تأثيرها إلى مختلف المحافظات، حيث تأسست لها فروع في الحديدة وتعز وذمار وعمران وصعدة وحجة والمحويت، تحولت لاحقًا إلى جامعات مستقلة، وهو ما يعكس الدور المركزي لجامعة صنعاء في ترسيخ التعليم الجامعي وتوسيعه جغرافيًا.
وعلى مدى أكثر من خمسة عقود، ظلت الجامعة وفية لأهدافها الوطنية، وفي مقدمتها نشر التعليم العالي، وتوفير كوادر متخصصة تسهم في بناء مؤسسات الدولة، وتعزيز البحث العلمي، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى توطين التعليم العالي وتوفير بديل محلي للابتعاث الخارجي.
وقد تمكنت جامعة صنعاء من أن تكون الحاضنة الأكاديمية لأجيال متعاقبة من الطلاب، حيث تخرج منها مئات الآلاف من الكوادر الذين شغلوا أدوارًا قيادية في مؤسسات الدولة، وساهموا في رسم ملامح النهضة اليمنية الحديثة. واليوم، تُعد جامعة صنعاء أكبر مؤسسة تعليمية في اليمن، إذ يبلغ عدد طلابها وطالباتها نحو 55.000، يتوزعون على برامج أكاديمية متنوعة.
وتضم الجامعة حاليًا 141 برنامجًا أكاديميًا لمرحلة البكالوريوس، و234 برنامجًا للدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه)، فيما تجاوز عدد المقررات الدراسية 7,000 مقرر كما يبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس 2,277 عضوًا، إضافة إلى 1,655 موظفًا وموظفة يعملون على إدارة مختلف الجوانب الأكاديمية والإدارية.
ولم تغفل الجامعة جانب البحث العلمي، بل أولته اهتمامًا متزايدًا في السنوات الأخيرة، ما أثمر عن نشر أكثر من 13,000 بحث علمي في مجلات علمية محكمة دوليًا، وهو ما ساعد في تحسين تصنيف الجامعة في العديد من التصنيفات الأكاديمية العالمية، وأكسبها مكانة مرموقة في الساحة العلمية.
إن المسيرة الحافلة لجامعة صنعاء، منذ يومها الأول وحتى اليوم، تجسد قصة نجاح وطنية بامتياز، وهي اليوم تقف شامخة كرمز للعلم والمعرفة، وركيزة من ركائز النهضة اليمنية، وبيتًا أولًا لكل من أراد أن يصنع مستقبله بالعلم.
كل عام وجامعة صنعاء بخير، واليمن وأهله في تقدم وازدهار.